في عام 1981 شهد التاريخ السياسي الكندي مرحلة من أهم مراحله التاريخية عندما وافق مجلسا العموم والشيوخ الكنديان على اعتماد بيان مشترك يطلبان فيه من ملكة بريطانيا إليزابيت الثانية استعادة الدستور الكندي. هذا التصرف الذي كان في الوقت نفسه رمزيا وسياسيا سمح لكندا أن تحصل على كامل استقلالها من الملكية البريطانية في أعقاب الجدل السياسي والقانوني الذي استمر على مدى 115 عاما وسمعت أصداؤه وما تزال على الساحة السياسية الكندية اليوم.
يشار إلى أن القضية الدستورية التي لم يوجد لها حل كامل حتى الآن أصبحت على مدى الأيام ساحة مواجهة وصراع مستمر بين قوى التعددية والوحدة التي تتجاذب المجتمع الكندي. لنر ما هي الأسباب…
تعريف الدستور
يمكننا تعريف الدستور بأنه المستند الأساسي السياسي والقانوني للأمة (الدولة) . إذ أنه يحدد المبادئ والأهداف المشتركة التي يتطلع إليها المجتمع. إنه مجموع القواعد التي تحدد وتنظم العلاقات بين أمة ما وحكامها. كما يحدد الدستور أيضا المؤسسات السياسية الرسمية والقانونية للدولة (مجلس العموم، مجلس الشيوخ، المحكمة العليا، قضاء المقاطعات …) بالإضافة لطريقة عملها.
كما يحدد الدستور أيضا طريقة اعتماد القوانين وتطبيقها وتقاسم السلطات على مستويي الحكومة الفدرالية وحكومات المقاطعات بالإضافة لمسؤوليات المحاكم والمؤسسات السياسية تجاه المواطنين. وتضاف لهذه الأمور المذكورة أعلاه كافة القوانين ذات الصبغة الدستورية التي تساهم في تطوير الأمة بكاملها ومثل على ذلك القانون حول اللغتين الرسميتين.
المراحل الدستورية الكبرى
قبل عام 1982، أي السنة التي استعادت فيها كندا رسميا الدستور من بريطانيا، كانت المبادئ الدستورية ضمن وثيقة أميركا الشمالية البريطانية (AANB) التي اعتمدها البرلمان البريطاني في عام 1867 لتأسيس مجموعة واحدة انطلاقا من مستعمرات بريطانية في شمال أميركا. ورغم أن هذه الوثيقة تمت صياغتها من قبل مؤسسي الاتحادية الكندية (آباء الاتحادية الكندية) غير أن نص هذه الوثيقة لم يسمح للكنديين بتعديل مضمونها.
وكانت صلاحيات التعديل محصورة بالبرلمان البريطاني لأن آباء الدستور لم يتوصلوا لاتفاق حول طريقة محتملة لتعديل وثيقة عام 1867. ومع مرور الوقت أصبح الكنديون يشعرون بحاجة ملحة لتقرير مصيرهم بأنفسهم كأمة ودون الحاجة للمرور ببريطانيا لتعديل وإدارة الإطار التشريعي والسياسي لبلادهم.
ويبدأ تاريخ الدستور الكندي من عام 1864 في شارلوت تاون في جزيرة الأمير إدوار. واقترح مندوبون عن هذه المنطقة ومن نيوبرنزويك ونوفا سكوشيا ومن كندا المتحدة (كيبك وأونتاريو) وانطلاقا من مبادرة Sir John A. Macdonald توحيد مستعمرات شمال أميركا البريطانية ضمن فدرالية أي ضمها على أن يكون على رأسها حكومة مركزية يناط بها إدارة المصالح المشتركة مثل الحدود والدفاع وطرق الاتصالات والعملة وما إلى غير ذلك …
كما عقد اجتماع آخر في مدينة كيبك حيث اعتمد المندوبون اثنين وسبعين قرارا شكلت ما يعرف بالوثيقة البريطانية لشمال أميركا.
وفي عام 1866، توجه مندوبون عن مقاطعة كندا (المتحدة) ومن نوفا سكوشيا ونيو برنزيوك إلى العاصمة البريطانية لندن لصياغة النص الرسمي للوثيقة البريطانية لشمال أميركا التي أسستالفدرالية الكندية.
الوثيقة (القانون) البريطانية لشمال أميركا
في عام 1867، وافق البرلمان البريطاني على طلب مستعمرات أميركية فاعتمد وثيقة (قانون) شمال أميركا البريطانية وبهذا وضعت أسس كندا الحالية. وتوحد هذه الوثيقة ضمن فدرالية مستعمرات كندا المتحدة (كيبك وأونتاريو) ونيو برنزويك ونوفا سكوشيا. وتمنح الوثيقة في الوقت نفسه (الدومنيون) حكومة فدرالية والمستعمرات هيئات تشريعية متميزة (تقاسم الصلاحيات والسلطات). وكان آباء الفدرالية قد اختاروا بادئ ذي بدء اسم مملكة كندا غير أن تحفظ بريطانيا جعلهم يختارون تعبير (دومينيون) المتضمن في المزمور 72 من الكتاب المقدس .
يشار إلى أن بريطانيا تحتفظ بالحق الحصري في تعديل نص الوثيقة بينما حصلت المقاطعات على حق تعديل إطارها الدستوري باستثناء مهام نائب الحاكم العام.
وهذا يتعلق بالدستور الرابع لمستعمرات شمال أميركا بعد وثيقة كيبك لعام 1774 والوثيقة الدستورية
لعام 1791 وقانون الاتحاد لعام 1840.
لماذا تم الاتحاد على هذا الشكل؟
في الواقع اتحدت المستعمرات لتتقي شر سطوة بعضها على البعض الآخر.
وكانت مستعمرة كندا السفلى الكاثوليكية (كيبك) قد وجدت في النظام الفدرالي وسيلة حماية ضد الغالبية البروتستانتية الناطقة بالإنجليزية المهددة لثقافتها ولغتها ولنظام قانونها المدني ولدينها ونظامها التعليمي. ومصدر هذه الحماية نابع من طبيعة النظام الاتحادي الذي يوفر للمستعمرات هيئة تشريعية (البرلمان) بالإضافة للاعتراف بما يفرقها ويميزها عن غيرها.
وكانت هي الأسباب نفسها التي دفعت بالأنغلوفون البروتستانت من كندا العليا (أونتاريو) للانضمام للفدرالية لأنهم كانوا يخشون على خلاف كندا السفلى سيطرة الفرنكوفون على مؤسساتهم السياسية والاجتماعية.
أما فيما يتعلق بمستعمرات الأطلسي فهي كانت تخشى أن تبتلعها مقاطعة كندا المتحدة (كيبك وأونتاريو) حيث كانت تشعر بأنها غريبة عنها.
في المقابل، كان هذا الاتحاد بالنسبة للعاصمة البريطانية لندن ولسلطات المستعمرات في ذلك الوقت بمثابة حماية فعالة ضد الجاذب الاقتصادي للولايات المتحدة والتطلعات التوسعية للأميركيين حيال كندا.
وخلال السنوات التي تلت نشوء الفدرالية الكندية انضمت مستعمرات أخرى إليها لتزيد من حجم كندا.
وفي عام 1870، أعلن البرلمان الكندي عن مولد مقاطعة مانيتوبا. وفي عام 1871، انضمت بريتيش كولومبيا للفدرالية الكندية مع تعهد بضمها عن طريق خط سكك حديدية وبسرعة إلى باقي الأراضي الكندية.
وبعد سنتين، أي في عام 1873، كان دور جزيرة الأمير إدوار في الانضمام لكندا ثم ،في عام 1875، وافق البرلمان الكندي على قانون يتعلق بأراضي إقليم الشمال الكبير. وفي عام 1880، حصلت كندا من الحكومة البريطانية على ملكية القطب الشمالي. كما تحول إقليم اليوكن إلى أرض تتمتع بحكم ذاتي في عام 1898، بينما أعلن البرلمان الكندي في عام 1905 قيام مقاطعتي سسكتشوان وألبرتا. أخيرا انضمت مقاطعة نيوفاوندلاند إلى اللائحة الكندية في عام 1949.
بيان بلفور
في السنوات التي سبقت الحرب العالمية الأولى، استمرت كندا في ترسيخ نفسها كأمة وأخذ مكانها على الساحة الدولية من خلال إنشاء وزارة للشؤون الخارجية وبرفض المشاركة في الحروب الاستعمارية التي انخرطت فيها الامبراطورية البريطانية وخاصة عندما أصبحت في عام 1919 عضوا في عصبة الأمم وفي منظمة العمل الدولية.
وفي عام 1926، وافق أعضاء مؤتمر الامبراطورية على بيان بلفور الذي يعترف بالحكم الذاتي لمناطق تابعة للتاج البريطاني المعروفة بالدومينيون(كندا ونيوفاوندلاند وأستراليا وجنوب إفريقيا وإيرلندا ونيوزيلندا) وتلغي في الوقت نفسه كل أشكال ارتباط هذه الأخيرة ببريطانيا العظمى.
وانطلاقا من قوة هذا الاعتراف اتخذ البرلمانيون الكنديون قرارا في عام 1927، وبتوجيه من وزير العدل الكندي Ernest Lapointe باستعادة الدستور بهدف تعديله دون موافقة بريطانيا. فكان هذا إيعازا بانطلاق شرارة نزاع سياسي وقانوني استمر على مدى 55 عاما قبل أن تتفق الحكومة الفدرالية وحكومات المقاطعات باستثناء مقاطعة كيبك حول إجراء مقبول باستعادة وتعديل الدستور.
نظام Westminster
في الحادي عشر من ديسمبر كانون الأول 1931، تم الاعتراف رسميا باستقلال ذاتي للدومنيون أي المناطق التابعة للتاج البريطاني وفقا لنظام ويستمينستر ما يعني أن بريطانيا أعادت لهذه المناطق السلطات العائدة لدستورها بالإضافة لتغيير القوانين البريطانية التي كانت تدير شؤونها سابقا.
أما في كندا، وبعد المؤتمر الثاني بين الحكومة الفدرالية والمقاطعات حول اعتماد صيغة تعديل، طلبت الحكومة الفدرالية بأن يستثنى الدستور الكندي من هذا النظام وأن تحتفظ بريطانيا بسلطة التعديل بانتظار التوصل لاتفاق.
غير أن مؤتمرا ثالثا عقد في عام 1935 كان مصيره الفشل إذ لم يتمكن ممثلو المقاطعات والحكومة الفدرالية من الاتفاق وهذا ما لم يحصل حتى بعد مرور مزيد من الوقت.
وفي عام 1949، عمد البرلمان الكندي على استعادة الوثيقة البريطانية لشمال أميركا بشكل جزئي ما يسمح بتعديل الدستور الكندي فيما له علاقة بقضايا داخلية غير أنه يحتفظ لحكومة بريطانيا بحق الرقابة على تعديلات أساسية. يضاف إلى ذلك أن محكمة كندا العليا أصبحت بمثابة أعلى سلطة قضائية في البلاد معلنة أنها أضحت مؤهلة للفصل في النزاعات الدستورية في كندا محل اللجنة القانونية التابعة للمجلس الخاص.
فشل تلو فشل
بين أعوام 1960 و1978 شهدت كندا سلسلة من اللقاءات الدستورية ومحاولات من مختلف الأنواع للوصول إلى أجراء لاستعادة الدستور وصيغة تعديل.
غير أنها باءت جميعها بالفشل.
غير أنه وفي عام 1961، وجدت صيغة ما يعرف ب Fulton-Favreau وبعدها في عام 1968 تمت مراجعة كاملة للدستور ما أدى للتوصل إلى ما يعرف بصيغة Victoria.
يشار إلى أن اقتراح التعديل المعقد هذا يقتضي موافقة كافة المقاطعات التي تعد ما لا يقل عن 25% من مجموع السكان في كندا بالإضافة لموافقة مقاطعتين على الأقل من منطقة الأطلسي الكندية ومقاطعتين على الأقل من الغرب الكندي تمثل بمجموعها ما لا يقل عن 50% من مجموع سكان الغرب الكندي.
ويتضمن الاقتراح أيضا الحقوق اللغوية وضمانات تتعلق بالمحكمة الكندية العليا في صلب الدستور.
وفي عام 1971، جمع وزراء فدراليون ومن حكومات المقاطعات هذه المقترحات في مشروع شرعة دستورية أطلق عليها شرعة فكتوريا للحصول على موافقة الهيئات التشريعية (البرلمانات أو الجمعيات الوطنية) في المقاطعات.
وفي مقاطعة كيبك واجهت شرعة فكتوريا معارضة شديدة كما رفض رئيس حكومة المقاطعة في حينه روبير بوراسا أن يوصي الكيبكيين بالموافقة عليها معتبرا أنها غير مجحفة بحق كيبك.
وفي عام 1976، ندد رئيس الوزراء الكندي بيار إليوت ترود بهذا التصرف وهدد بالعمل من جانب واحد لاستعادة الدستور الكندي.
يشار إلى أنه في السنة نفسها وصل الحزب الكيبكي الاستقلالي النزعة للحكم في مقاطعة كيبك.
وفي عام 1979، قدمت لجنة Pépin-Robarts تقريرها المتضمن 75 توصية بهدف إخراج البلاد من النفق الدستوري المسدود.
واقترحت اللجنة ما عرّفته بفدرالية غير متناسقة تمنح مزيدا من السلطات للمقاطعات بالإضافة لحقوق لغوية بشكل خاص.
من جهتها رفضت الحكومة الفدرالية هذه الصيغة وتناست بشكل كلي تقرير بيبان روبارتز.
المسألة الكيبكية
في عام 1980، اقترح الحزب الكيبكي الاستقلالي النزعة على الكيبكيين اختيار طريق الاستقلال بعد أن عبر عن سخطه الشديد على المأزق الدستوري وعلى رفض طلبات الاعتراف بوضع ثقافي وسياسي متميز لكيبك.
وتم عرض مشروع انفصال المقاطعة مرفقا بصيغة (سيادة وشراكة) على الكيبكيين عبر استفتاء ترك جروحا عميقة عندهم.
وعشية الاستفتاء، أعرب رئيس الوزراء الكندي بيار إليوت ترود عبر خطاب مؤثر عن التزامه تجاه الكيبكيين بتجديد الفدرالية في العمق في حال اختاروا البقاء ضمن الفدرالية الكندية.
ويعتقد أن الكيبكيين سمعوا النداء ورفضوا اقتراح الاستقلال بنسبة 59.1%
من جهته وجه رئيس حكومة المقاطعة رينيه ليفيك وهو يعبر عن حزنه العميق لهذا الإخفاق جملته الشهيرة لآلاف الكيبكيين الذين جاءوا للاستماع إليه في مركز بول سوفيه : حسب ما فهمت منكم أنتم تقولون إلى المرة المقبلة…
استعادة الدستور
في عام 1980، وانطلاقا من استمرار المأزق الدستوري، قدم رئيس الوزراء الكندي بيار إليوت ترودو لمجلس العموم قرارا تحت عنوان مشترك (مجلسا الشيوخ والعموم) إلى الملكة إليزابيت الثانية بهدف استعادة الدستور الكندي من جانب واحد على أن تضاف إليه الشرعة الكندية للحقوق والحريات.
وفي شهر إبريل نيسان من عام 1981، وقعّت المقاطعات الكندية باستثناء مقاطعتي أونتاريو ونيو برنزويك على اتفاق فيما بينها حول إجراءات استعادة الدستور وصيغة تعديل عرفت بصيغة فانكوفر في موازاة رغبة الحكومة الفدرالية بالتصرف منفردة في إجراءات استعادة الدستور الكندي.
وفي 28 إبريل نيسان 1981، قدمت مقاطعات مانيتوبا وكيبك ونيوفاوندلاند كتابا للمحكمة الكندية العليا تعترض فيه على استعادة الدستور من طرف واحد من قبل الحكومة الفدرالية.
وفي شهر سبتمبر أيلول من السنة نفسها، اعتبر سبعة قضاة من المحكمة الكندية العليا مقابل قاضيين اثنين أن مشروع الحكومة الفدرالية يتعارض مع عقد دستوري يفرض اتفاق المقاطعات حول كل تعديل يطاول صلاحياتها.
مؤتمر الفرصة الأخيرة
قبل إطلاق إجراءات استعادة الدستور الكندي بشكل أحادي من قبل الحكومة الفدرالية دعت أوتاوا لمؤتمر دستوري سمته مؤتمر الفرصة الأخيرة في محاولة وللمرة الأخيرة للحصول على دعم غالبية المقاطعات لمشروع استعادتها للدستور.
وليلة الرابع والخامس من نوفمبر تشرين الثاني اتفقت حكومات تسع مقاطعات بغياب الوفد الكيبكي على اقتراح دستوري وعلى صيغة لتعديل الدستور.
ومع هذا الموقف انفرط عقد الجبهة المشتركة التي كانت تضم ثماني مقاطعات كندية.
ولم يطّلع رئيس حكومة كيبك رينيه ليفيك إلا صباح اليوم التالي على توقيع الاتفاق الذي جرى بغيابه.
في أعقاب ذلك وجدت مقاطعة كيبك نفسها معزولة عن بقية المقاطعات وبدأت أجواء التوتر تسود طبيعة العلاقات بين كيبك والحكومة الفدرالية.
والليلة التي يطلق عليها ما ترجمته بالفرنسية ليلة السكاكين الطويلة أي الطعن في الظهر تستعيد الخطوط العريضة من صيغة فانكوفر غير أنها تسحب من المقاطعات حق الحصول على تعويض مالي في حال سحب تعديل دستوري ما.
إعلان القانون الدستوري الكندي
في 17 من إبريل نيسان 1982، أعلنت ملكة بريطانيا إليزابيت الثانية خلال احتفال رسمي في العاصمة الكندية أوتاوا القانون الدستوري الكندي (الدستور) الذي رفضته مقاطعة كيبك.
ويتضمن الدستور الكندي بالإضافة لوثيقة عام 1867، شرعة للحقوق والحريات وصيغة لتعديل الدستور.
وتلحظ صيغة التعديل وبالنسبة لغالبية التعديلات الدستورية وجوب الحصول على موافقة ثلثي المقاطعات الكندية التي يمثل مجموع سكانها 50% على الأقل من سكان كندا.
غير أنه يتوجب الحصول على إجماع غالبية المقاطعات في حال إجراء تعديلات على علاقة بنواب مجلس العموم وباللغتين الرسميتين وبالمحكمة الكندية العليا وبصيغة تعديل الدستور.
اتفاق lac Meech
في أعقاب وصول حزب المحافظين إلى سدة الحكم في كندا في عام 1984، تعهد رئيس الوزراء الكندي بريان ملروني خلال خطاب تاريخي ألقاه في Sept-Îles، بالبحث عن اتفاقيحمل مقاطعة كيبك على الانضمام للقانون الدستوري لعام 1982 بشرف وحماس.
وفي مقابل اقتراح حزب المحافظين وضعت حكومة كيبك خمسة شروط للانضمام للقانون الدستوري من بينها الاعتراف بوضع متميز للمقاطعة ضمن الفدرالية الكندية.
وفي 30 من شهر إبريل نيسان 1987، وافق رؤساء حكومات المقاطعات ورئيس الوزراء الكندي على هذه الشروط. وبالفعل تمت الموافقة على صيغة lac Meech التي تتضمن الخطوط العريضة للاتفاق الذي يحمل الاسم نفسه في العاصمة الكندية أوتاوا بعد نقاش استمر على مدى ساعات طوال.
غير أنه كان يتوجب أن يحصل الاتفاق على غالبية أصوات الهيئات التشريعية في المقاطعات بالإضافة لموافقة مجلس العموم الكندي في مهلة أقصاها ثلاث سنوات.
الشروط التي وضعتها حكومة كيبك للانضمام للقانون الدستوري لعام 1982:
1- الاعتراف بكيبك مجتمعا متميزا
2- ضمان حصول كيبك على دور متنام في مجال الهجرة
3- المشاركة في تعيين قضاة المحكمة الكندية العليا
4- تحديد صلاحية إنفاق الحكومة الفدرالية
5- الاعتراف بحق الفيتو لكيبك في مجال التعديلات الدستورية
وخلال مهلة السنوات الثلاث التي أعطيت لتوقيع الاتفاق بدأ الدعم الذي كانت قد منحته المقاطعات الناطقة بالإنجليزية للاتفاق يتناقص يوما بعد يوم.
فمقاطعة مانيتوبا، بدأت هي الأولى بالاعتراض على الاتفاق بعد أن دعت حكومة مقاطعة كيبك لاعتماد صيغة تقضي بغير الحاجة للحصول على موافقة بقية المقاطعات للإبقاء على القانون 178 حول الإعلانات (صدارة اللغة الفرنسية).
تلتها مقاطعة نيوفاوندلاند مع اعتراض رئيس حكومة المقاطعة الليبرالي
Clyde Wells ، للأسباب نفسها.
يشار إلى أن هؤلاء رفضوا الدعوة لتصويت حر ضمن هيئاتهم التشريعية حول الاتفاق.
وفي شهر مايو أيار 1990 ، غادر نواب فدراليون كيبكيون وعلى رأسهم لوسيان بوشار صفوف حزب المحافظين. وأنشأوا بعد ذلك الكتلة الكيبكية. وفي 22 من يونيو حزيران 1990 انقضت مهلة الثلاث سنوات فانتهت بانتهائها حياة اتفاق لاك ميش. من جهته أعلن رئيس حكومة مقاطعة كيبك روبير بوراسا أنه لن يفاوض على مستوى الحكومة الفدرالية وحكومات المقاطعات بل إنه ينتظر عرضا مقبولا من الحكومة الفدرالية قبل إعادة فتح الملف الدستوري.
لجنة Bélanger-Campeau
في الرابع من شهر سبتمبر أيلول 1990، شكلت حكومة كيبك لجنة Bélanger-Campeau حول المستقبل الدستوري للمقاطعة. وعقدت اللجنة بأعضائها الستة والثلاثين لقاءات علنية استمرت على مدى خمسة أشهر حول هذا الموضوع. وتلقت اللجنة ما يقرب من 600 مذكرة غالبيتها تنادي بانفصال مقاطعة كيبك عن الفدرالية الكندية. وفي 27 من شهر مارس آذار 1991، رفعت اللجنة تقريرها لحكومة المقاطعة.
وفي مواجهة عدم تفهم باقي كندا لتطلعات كيبك أوصت اللجنة الجمعية الوطنية في كيبك (برلمان المقاطعة) أن تعتمد قانونا حول المستقبل السياسي والدستوري لمقاطعة كيبك يلحظ الدعوة لاستفتاء حول استقلال المقاطعة بين شهري يونيو حزيران وأكتوبر تشرين الأول 1992.
كما تم اقتراح تشكيل لجنتين برلمانيتين في حال فوز تيار النعم (الموافقة) في هذا الاستفتاء الأولى يناط بها دراسة إجراءات الوصول للاستقلال والثانية دراسة أي عرض شراكة تقدمه كندا.
تقرير Allaire
في أعقاب فشل تقرير لاك ميش الذي اعتبر كرسالة واضحة من قبل الكيبكيين لباقي كندا، تحفزت المشاعر الوطنية بشكل لم تعهده كيبك سابقا.
حتى أن الحزب الليبرالي في كيبك المعروف تاريخيا بتوجهه الفدرالي اعتمد في شهر مارس آذار1991 تقرير Allaire الذي يعتبر بمثابة هجوم واضح على النظام الفدرالي الكندي. يشار إلى أن هذا التقرير يقترح لامركزية واسعة للسلطات بحيث تحصل مقاطعة كيبك على حق الإشراف الحصري للصلاحيات في 22 حقلا.
وحسب الإصلاح الفدرالي المقترح وباستثناء تسعة حقول من صلاحيات متقاسمة فإن الحكومة الفدرالية لا تحتفظ بالإشراف الحصري إلا على خمسة حقول هي الدفاع والجمارك والعملة والتحويلات الفدرالية للمقاطعات وإدارة الدين العام. يضاف إلى هذه إلغاء مجلس الشيوخ الكندي وصيغة لتعديل الدستور تستوجب موافقة 50% من سكان كندا ووجوب موافقة كيبك.
اقتراح Charlottetown التاريخي
في شهر مارس آذار 1992، دعا رئيس الوزراء السابق جو كلارك بتكليف من رئيس الوزراء الكندي بريان ملروني لإحياء المفاوضات الدستورية، لطاولة مستديرة جديدة متعددة الأطراف بين الحكومة الفدرالية والمقاطعات التسع الناطقة بالإنجليزية والإقليمين وأربعة ممثلين عن قبائل السكان الأصليين.
وتوصل المجتمعون لاقتراح في 7 يوليو تموز 1992 يمنح مقاطعة كيبك جوهر Meech ، ومجلس شيوخ ممثل لمقطعات الغرب الكندي وحق تقرير المصير بالنسبة لسكان كندا الأصليين.
يشار إلى أن الكيبكيين استمروا على حذرهم تجاه هذا الاتفاق الموصوف بالتاريخي. وفي شهر أغسطس آب 1992، أعلنت الحكومة الفدرالية من جهتها عن الدعوة لاستفتاء وطني حول المصادقة على الاتفاق الدستوري. وفي 26 أكتوبر تشرين الأول رفضت ست مقاطعات الاتفاق ومن بينها مقاطعة كيبك التي رفضته بغالبية 65% من الأصوات.
الاستفتاء الثاني حول سيادة كيبك
في غضون ذلك بدأ الاتجاه الاستقلالي الذي كانت تغذيه الإخفاقات الدستورية في السنوات الأخيرة يشق طريقه أكثر فأكثر ضمن الرأي العام الكيبكي.
وفي عام 1994، وصل الحزب الكيبكي الاستقلالي النزعة لسدة الحكم في كيبك فما كان من رئيس حكومة المقاطعة جاك باريزو إلا أن قدم مسودة مشروع قانون حول استقلال كيبك. وفي شهر يونيو حزيران 1995، نظمت القوى الاستقلالية النزعة صفوفها وكانت ضم الحزب الكيبكي والكتلة الكيبكية وحزب العمل الديمقراطي الكيبكي.
واقترح الاستفتاء الثاني على الكيبكيين استقلال كيبك مرفقا بشراكة اقتصادية وسياسية يتم التفاوض بشأنها مع باقي كندا.
وفي 30 أكتوبر تشرين الأول 1995، أخفق التيار المدافع عن استقلال المقاطعة بفارق بسيط إذ حاز على موافقة 49.4% من اصوات المشاركين في الاستفتاء بينما فاز معارضو استقلال المقاطعة والبقاء ضمن الفدرالية الكندية بنسبة 50.6%. وكانت نسبة المشاركة في الاستفتاء قد تجاوزت %93.
وغداة الاستفتاء قدم رئيس حكومة المقاطعة استقالته من منصبه فخلفه زعيم الكتلة الكيبكية لوسيان بوشار في زعامة الحزب الكيبكي.
وبعد ايام قلائل من الاستفتاء المذكور، أعلن رئيس الوزراء الكندي جان كريتيان أنه في حال كان تيار الموافقة على استقلال المقاطعة أي الذين صوتوا بنعم في الاستفتاء قد فاز بغالبية يعتبرها ضعيفة جدا حسب اعتقاده فإنه كان سيقف في وجه أجراءات انفصال المقاطعة.
فما كان من لوسيان بوشار إلا أن رد بالقول بأنه سيدعو لاستفتاء ثالث حول سيادة المقاطعة حالما تتوفر شروط الفوز في هذا الاستفتاء وأنه
إذا كان الكيبكيون قد قبلوا بنسبة لا تتعدى .6% 50 للبقاء ضمن الفدرالية الكندية فعلى الحكومة الكندية أن تقبل بمعاملة الكيبكيين بالمثل والقبول بنفس النسبة في حال وافق الكيبكيون على الانفصال عن الفدرالية الكندية في استفتاء ثالث.
بيان كالغاري
وأمام نتيجة جاءت بفارق بسيط جدا بين التيارين الاستقلالي والفدرالي في مقاطعة كيبك خلال الاستفتاء الأخير حول استقلال مقاطعة كيبك عن الفدرالية الكندية قرر وزراء المقاطعات الكندية الناطقة بالإنجليزية التصرف بسرعة قبل أن يغادر الكيبكيون فعلا الفدرالية الكندية.
فعقدوا اجتماعا في كالغاري عام 1997 وفتحوا الملف الدستوري بهدف إيجاد اقتراح كفيل بإبقاء كيبك ضمن الفدرالية الكندية. يشار إلى أن رئيس حكومة كيبك لوسيان بوشار رفض الانضمام لهذا الاجتماع.
وفي شهر سبتمبر أيلول 1997، عرض رؤساء حكومات المقاطعات الكندية التسع الناطقة بالإنجليزية بيان كالغاري على موافقة المقاطعات والحكومة الفدرالية وهو يعترف أي البيان بالطابع الفريد لمقاطعة كيبك ضمن الفدرالية الكندية مع التأكيد على مساواة المقاطعات فيما بينها.
أما في كيبك فقد تمّ رفض الاتفاق من قبل حكومة الحزب الكيبكي التي لم تجد فيه سوى كلمات دون مغزى ملموس فيما يتعلق بالسلطة والاعتراف بالثقافة والمجتمع الكيبكي.
يشار إلى أن كافة الهيئات التشريعية في المقاطعات وافقت على البيان باستثناء كيبك. إذا المشكلة الكيبكية ما تزال مطروحة بكاملها على بساط البحث.
وفي 20 أغسطس آب 1998، أعلنت المحكمة الكندية العليا موقفها حيال حق كيبك بإعلان انفصالها أو استقلالها من جانب واحد عن الفدرالية الكندية.
وأكّدت أعلى سلطة قضائية في كندا أنه لا يحق لكيبك تقرير الانفصال بشكل أحادي حسب الدستور الكندي ومبادئ القانون الدولي. غير أن المحكمة أضافت في مطالعتها أن على الحكومة الكندية واجبا دستوريا يفرض عليها التفاوض مع كيبك في حال وجود غالبية واضحة وصريحة خلال استفتاء حول السيادة.
كما لحظت المحكمة الكندية العليا أنه في حال فشل المفاوضات أو في حال وجود نية سيئة من قبل الحكومة الفدرالية أو من قبل باقي كندا فإن باستطاعة كيبك أن تعلن استقلالها بشكل أحادي الجانب رغم أن هذا التصرف يتعارض مع الدستور.
ونجاح الانفصال ضمن هذه الشروط يتعلق بالاعتراف الدولي الذي تحصل عليه كيبك. غير أن المحكمة العليا تؤكد بأن نجاح عملية الانفصال لا يسمح بتبريرها مع مفعول رجعي حسب نصوص الدستور الكندي أو القانون الدولي
الاتحاد الاجتماعي
خلال المفاوضات حول الاتحاد الاجتماعي، بدت مقاطعة كيبك معزولة عن بقية المقاطعات الكندية برفضها في شهر فبراير شباط عام 1999، التوقيع على اتفاق وصفته المقاطعة بأنه بمثابة تراجع بالنسبة لها.
هذا الاتفاق حول الاتحاد الاجتماعي الذي حظي بموافقة تسع مقاطعات يحدد حق الحكومة الفدرالية بإيجاد برامج جديدة في مجالات المساعدة الاجتماعية والتعليم والصحة والخدمات الاجتماعية دون الحصول على موافقة غالبية المقاطعات. كما ينص على حق انسحاب المقاطعات من برامج فدرالية مع تعويض مالي.
غير أن الحكومة الفدرالية التفت على هذه الأحكام محتفظة بحق إيجاد برامج مساعدة مباشرة للمواطنين مثل منح الألفية.
أما فيما يتعلق بكيبك فإنها كانت ترغب بإخراج الحكومة الفدرالية كليا من مجال صلاحيات المقاطعات وتطالب حكومة أوتاوا بأن تعهد للمقاطعات بالأموال التي تنفقها في حقول تابعة لصلاحيات المقاطعات.
إقليم كندي جديد
في الأول من إبريل نيسان 1999 ، أعلنت الحكومة الكندية عن ولادة إقليم جديد هو إقليم نونافوت الذي يقع في الجزء الشمالي من كندا وشرق أراضي الشمال الغربي الكندية. يتمتع إقليم نونافوت ببرلمان ومؤسسات تسمح له بحكم نفسه كما هي الحال في أراضي الشمال الغربي الكندية وإقليم اليوكن. ويقيم في هذه الأراضي الشاسعة نحو من 20000 نسمة.
صلة بمواقع
Hyperliens
Dossiers des archives :
Lois constitutionnelles canadiennes
Gouvernement du Canada
Charte canadienne des droits et libertés