أبرز تعديلات القانون الجديد للجنسية الكندية
قد تكون عزيزي القارئ من أولئك الذين يُجهِّزون أنفسهم للهجرة إلى كندا، أو قد تكون من الذين قد أنجزوا أمر الهجرة بالفعل، وهم الآن في كندا يَعدُّون أيام الإقامة الإلزامية للتقدم بطلب الحصول على الجنسية الكندية، وقد تكون لست من هؤلاء ولا هؤلاء، لكن غالباً لديك صديق ما مُتحمس لأمر الهجرة، قد ينفعه ما ستقرأ له اليوم من تغيرات – جادة – طرأت على قوانين الحصول على الجنسية الكندية، والتي تُعتبر الأكثر صرامة في تاريخ دول العالم الأول قاطبة.
يوم ١١ يونيو ٢٠١٥م، بدأ العمل رسمياً بقانون الجنسية الجديد المُسمى بـ (Bill C-24) والذي يقضي بتقوية الجنسية الكندية التي تم إختراقها والإحتيال عليها بشتى الطرق – الغير شرعية – من قِبَل بعض المهاجرين، حتى باتت هذه الإحتيالات تُشكل خطراً على الهوية الكندية وجنسيتها – المُحترمة جداً – بين دول العالم أجمع، تلك الدول التي وثقت بكندا على مرِّ عقود طويلة ومنحتها عبور آمن من دون الحاجة إلى أي تأشيرة مُسبقة.
فمن الإحتيالات المشهورة التي يقوم بها بعض المهاجرين، عدم الإقامة في كندا وقت الحصول على تأشيرة الهجرة، والبقاء خارجها طيلة فترة الإقامة الإلزامية الممتدة إلى ثلاث سنوات، وتقديم عناوين سكن كاذبة في طلب الجنسية، الأمر الذي شكَّل عواقب وخيمة جداً على الجنسية الكندية، إذ تجد الكثير من هؤلاء لا يتمتعون بالإتيكيت الإجتماعي الكندي لا في مجتمعهم ولا في أي مكان آخر، ناهيك عن نهب الخدمات المجانية التي تقدمها الدولة لمواطنيها – دافعي الضرائب – كالتأمين الصحي والمعونة الشهرية للأطفال وغيرها من الخدمات التي تستوجب وجودك في كندا كشرط أساسي للحصول عليها، أضف إلى جهلهم التام بكندا وتاريخها وقوانينها وثقافتها وغير ذلك من المعلومات الأولية التي تُشكل الهوية الكندية، وفي بعض الأحيان تجد منهم من لا ينطق باللغة الإنجليزية لجهله التام بها، ويُسافر بين أقطار العالم حاملاً لتلك الجنسية التي حصل عليها بالإحتيال، وعندما يُحاول مسؤل في مطار ما التواصل معه بلغة جنسيته التي يحملها … يقف كالأصم لا يفهم ما يسمع! فيتعجب منه ضابط المطار مُتسائلاً إن كان هذا المسكين فعلاً ينتمي للدولة الكندية بأي شكل من الأشكال، ليس فقط لعدم قدرته التحدث بالإنجليزية، ولكن أيضاً لهمجيته وبربريته في التعامل والتعبير والإعتراض، الأمر الغير معهود على حاملي تلك الجنسية المحترمة.
الحكومة الكندية ضاق بها ذرعاً تلك الأمثلة المُشينة والشكاوى التي ترد إلى سفارتها من شتى دول العالم بخصوص هؤلاء الكنديون – المُزيَّفون – إذ بدأ يلوح في الأفق تهديد دبلوماسي – غير مباشر – لكندا من حكومات العالم الأول بأنها إن لم تصحح إجراءات الحصول على الجنسية، فقد تُضطر بعض الدول إلى فرض تأشيرة عبور مُسبقة على جواز السفر الكندي، وتخفيض مرتبته بين قائمة دول العالم الأول إلى أدنى مستوى، الأمر الذي سيضر بالجنسية الكندية العريقة ضرراً بالغاً.
لن أطيل عليك في الأسباب التي دعت الحكومة إلى مثل هذه الصرامة – الغير معهودة – في قوانين الحصول على الجنسية، لكنك عزيزي القارئ قد تجدها مُبَرَّرة لو وضعت نفسك مكان المواطن الكندي الذي يدفع الضرائب الباهظة لحكومته لجعل جنسية بلده راقية، وبالتالي الحصول على خدمات قنصلية مُحترمة تليق بهذا البلد العظيم.
التغيرات كثيرة، لكن سأسلط الضوء على أكثر ما يهمك منها كمهاجر عربي:
- أيام الإقامة الإلزامية: وهنا سأتطرق للقانون القديم والجديد معاً كي يتضح التعديل، ففي القانون القديم، كان يجب على المهاجر المكوث في كندا مدة ٣ سنوات (١٠٩٥ يوماً) قبل التقدم بطلب الحصول على الجنسية، وكان يمكن للمهاجر تجميع تلك السنوات الثلاث في إطار أربع سنوات كحد أقصى، أي يمكنه الحصول على فترة سماح مدتها عام كامل إذا لزم الأمر يمكنه خلالها البقاء خارج كندا طيلة مدة العام من دون أن يخسر أياً من أيامه التي مكثها قبل ذلك ما دامت ضمن إطار السنوات الأربع، ولم يكن يضره أن يُنفق أيام هذا العام دفعة واحدة أو يقسطها على السنوات الأربع، فقد كان له كامل الحرية في استغلال أيام ذلك العام كما يشاء. أما في القانون الجديد، فقد أصبح يلزم المهاجر البقاء في كندا مدة ٤ سنوات (١٤٦٠ يوماً) قبل التقدم بطلب الحصول على الجنسية، أي أنه تم زيادة أيام الإقامة الإلزامية سنة أخرى، كما تم زيادة فترة السماح بمغادرة كندا من عام واحد إلى عامين إثنين، أي أنه أصبح يمكن للمهاجر تجميع تلك السنوات الإلزامية الأربع في إطار ست سنوات، لكن بصرامة أكثر من السابق، إذا أصبح لا يمكن الإستفادة من فترة السماح (السنتين) دفعة واحدة، وأقصى مدة يمكن مغادرة كندا خلال السنوات الست لا تتعدى ٦ أشهر (١٨٢ يوماً) في العام الواحد، ومن ثم يجب العودة إلى كندا لتمضية ما تبقى من الأشهر الستة الأخرى في داخلها. فعلى سبيل المثال، يمكن للمهاجر السفر خارج كندا في السنوات الأربع الأولى لمدة لا تتجاوز الستة أشهر من كل عام، أي أنه سيتمكن من تجميع سنتين من أيام الإقامة الإلزامية من أصل أربع سنوات خلال الأعوام الأربع الأولى، ومن ثم سيُضطر إلى أن يقضي آخر سنتين داخل كندا دون أن يغادرها على الإطلاق لتكملة السنوات الأربع الإلزامية للتقدم بطلب الحصول على الجنسية، وقد يكون هذا التعديل مناسباً لأصحاب الأعمال الحرة من المهاجرين، ولكنه ليس كذلك لأصحاب الوظائف.
- تقديم ملفات ضريبة الدخل: في القانون القديم، لم يكن إلزامياً الإفصاح عن ضريبة الدخل الكندية لدائرة الهجرة، أما في القانون الجديد، فقد أصبح لزاماً على كل متقدم إبراز أوراق الضريبة الكندية لسنوات الإقامة الإلزامية والتي هي من ٤ – ٦ سنوات كما سبق تفصيلها في النقطة السابقة، وقد تم إضافة هذا البند رسمياً في الطلب الجديد للحصول على الجنسية كما هو مبين في المقتطف التالي:
- التعهد بعدم مغادرة كندا: لعل هذا القانون يُعد من أبرز ما جاء في تعديلات الجنسية الجديدة، وأذكر في العام المنصرم عندما تقدم وزير الهجرة بورقة تعديل الجنسية لنواب مجلس العموم الكندي، ذكر أنه يطمح بانتزاع تعهد من كل مُتقدم للجنسية يُقر بنيته البقاء في كندا وعدم مغادرتها بعد الحصول عليها، ويُبين المقتطف التالي البند العاشر الذي أضيف مؤخراً في طلب الجنسية الجديد والمُسمى بـ (النيَّة):كنت أعتقد وقتها أنه لا يمكن لمجلس العموم الكندي أن يُصدر قانوناً كهذا، ولكن الأمر حدث وأصبح قانوناً إلزامياً لا مناص منه، الأمر الذي لن يروق للكثيرين من راغبي الحصول على الجنسية الكندية ومن ثم العودة إلى أوطانهم الأصلية أو البلدان التي كانوا يعملون فيها قبل الهجرة. لكن دعني أخبرك عزيزي القارئ ببعض التفاصيل التي حصلت عليها من خلال بحثي تحديداً في هذه النقطة المهمة والحساسة جداً، فالقانون صدر من قِبَل حزب المحافظين الذي يتصدر أغلبية مجلس العموم الكندي، وهم ليسوا بحاجة إلى دعم الأحزاب الأخرى لإقرار مثل هذا القانون أو غيره مما يرونه مناسباً من وجهة نظرهم، ووزير الهجرة الكندي هو أيضاً من حزب المحافظين، فكان سهلاً عليه تمرير ورقة هذا القانون من دون أي معوقات لأن حزبه يُشكل أغلبية البرلمان، رغم التحديات – القانونية – التي واجهها في جلسات البرلمان حول هذا البند – الغريب – من قِبَل نواب الفدرالية الكندية، وقد تم إحراج الوزير مراراً وتكراراً حول نص هذا البند، الشاهد أنَّ الوزير أنكر خلال الجلسة نيته إلزام الكنديين الجدد البقاء في كندا بعد حصولهم على الجنسية لأن هذا ضد الدستور الكندي، الدستور الذي يكفل حق كل فرد يحمل الجنسية الكندية بالتنقل والعيش في هذا العالم أينما يشاء وكيفما يشاء ووقتما يشاء من دون أي عائق أو حاجز. فما كان من الوزير سوى التلاعب في ألفاظ القانون والضبابية وعدم الوضوح، وقال إنَّ هذا البند لا يعني إلزام الكنديين الجدد بالبقاء في كندا بعد حصولهم على الجنسية، إنما يعني إلزامهم البقاء في كندا فقط لحظة تقديم طلب الحصول على الجنسية إلى حين الحصول عليها، وهي مدة قد تتراوح بين سنة إلى سنتين. لكن هذا الكلام الفارغ لم ينطلي على النواب الذين تساءلوا عن سبب كتابة هذا البند بصيغة واضحة جداً لمن يفقه الإنجليزية أنها تتحدث عن عدم مغادرة كندا بعد الحصول على الجنسية كما هو موضح أعلاه (أنا أنوي، إن مُنحت الجنسية، الإستمرار في البقاء في كندا)، حتى أنه أُحرج من كثرة الأسئلة التي وُجهت له من النواب كما ستشاهد في هذا التسجيل المُختصر لتلك الجلسة، إلى أنه اضطر في آخر الأمر إلى إحالة المايكروفون إلى مستشارته القانونية والتي لم تُفلح هي الأخرى في إقناع النواب برد منطقي حول اللغة التي تم استخدامها في صياغة هذا البند كما ستشاهد في الفيديو أدناه. خلاصة هذا البند: هل الأمر مُقلق؟ نعم بكل تأكيد، فإن كان هذا الوزير قد خرج على العلن بعد الإحراجات المتكررة له من النواب والرأي العام الكندي بـ (مذكرة تفصيلية) في موقع وزارة الهجرة يشرح فيها ما يعنيه حول هذا البند، فيبقى الأمر مجهولاً لما سيقوم به الوزراء الذين سيأتون من بعده بتلك التوقيعات والإقرارت الرسمية من الكنديين الجدد، الله وحده يعلم كيف سيتم استخدام هذه الإقرارات الرسمية ضد كل من يحاول العيش خارج كندا بعد الحصول على الجنسية، وهذا بالضبط ما قالته له إحدى النائبات في التسجيل التالي:
0 التعليقات: